السبت، 6 يونيو 2015



الشرق الأوسط ( الى اين )

سأبدأ الحديث من تركيا التي باتت تتخبط هنا وهناك وخاصة بعد فشلها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وقد أصبحت ذو سياسات متعددة الأوجه فصديق الأمس أصبح عدو اليوم وأصبحت السياسة التركية تناور وتكافح من اجل العودة لأحضان العرب وهذا لا يخفى على الجميع فتدخلاتها السافرة في مصر ودعم الإسلاميين فيها هو مؤشر على عوده تركيا الى أحضان الإسلاميين التي تسعى تركيا من خلال ذلك إلى تقوية النظم الإسلامية في البلاد العربية لعلها تعود الى أحضان ألدوله العثمانية من جديد ، والأسد الذي كان صديق الأمس بات اليوم عدوا فهي فرصة تركيا لخلع الأسد وتعزيز دور الإسلاميين في سوريا لاستلام الحكم وبالطبع فان الحزب الحاكم في تركيا هو حزب إسلامي يطمح لتكوين تحالفات إسلاميه مع انظمه عربيه قد يتزعمها الإسلاميون ومن ثم الهيمنة عليها باسم الإسلام وإعادة إنتاج ألخلافه العثمانية بشكل جديد .
وبالرغم من الخلافات التركية الإسرائيلية ودعم تركيا لأحزاب المقاومة الإسلامية في فلسطين إلا إن لدى الأتراك بعض التحفظات التي تتمسك بها من اجل إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع الإسرائيليين فربما المستقبل قد لا يبشر خيرا فلا تخسر جميع الجبهات ومن هنا تحاول تركيا الإبقاء على بعض العلاقات الغير معلنه مع إسرائيل تحسبا للقادم .
ولن أتوقف في حديثي قبل المرور على تونس التي كان للأتراك يدا فيما مضى بسن قوانينها وهي ألان تحاول إيجاد موضع قدم لها بطرق قد تكون غير مفصح عنها في كثير من الأحيان وهي تحاول لملمة شظايا دول الربيع العربي واحتوائهم لتشكيل منظومة تديرها بطرق سياسيه عن بعد وقد وجدت حاضنة لها في تلك الدول بعد دعمها للأحزاب الاسلاميه فيها .
ونأتي في سياق الحديث الى العراق الذي بات موطن المتطرفين والمهدد بالانقسامات الطائفية والمهدد بحرب طويلة الأجل قد لا تنتهي قريبا ، فالعراق الذي أهدرت ثرواته من قبل النظام السابق الفاشي الذي كان يتزعمه صدام حسين بات ألان بلد فقر وحاضنة يستقطب المتطرفين الذين يحاولون إنشاء مستعمراتهم الخاصة لتنفيذ أجنداتهم التي فشلت في أفغانستان بعد الغزو الأمريكي لها ولم يعد العراق قادرا على احتواء أزماته التي كلما انتهت أزمة دخل بأخرى وكل أزمة تهدد مستقبل العراق اكثر من التي سبقتها وهذه الأزمات التي أضعفت العراق هي ضعف للعرب وضعف للإسلام فيها وبالتالي يكون العراق قد أصبح بين قاب قوسين او أدنى محورا لانطلاق الإرهاب وتدمير الحياة الاجتماعية فيه التي لن يقوم العراق على أثرها لعقود قادمة .
وأما سوريا التي يبدو انها تتحول رويدا رويدا غالى عراق آخر او أفغانستان أخرى لن تقوم لها قائمه لعقود قادمة وحتى وان تنحى أو خلع الأسد فستبقى سوريا ارض خصبة للتنازع التي يبدو أنها لن تنتهي لكثرة الفصائل المتقاتلة فيها والتي ربما ألان نجد بعضها متحدا في محاربة الأسد ولكن في حال خروج الأسد من المعادلة سرعان ما ستنقلب هذه الفصائل لتقاتل بعضها ناهيك عن الفصائل الأخرى التي تعتبر أعداء لها أساسا وبهذا فان مستقبل سوريا وتحت كل المسميات قد انجرفت نحو الهاوية التي انجرف العراق إليها ولا بد من قول الحقيقة إننا لا نستبشر فرجا قريبا للشعب السوري الذي يتحمل كامل المعاناة الحاضر ة والقادمة .
ولابد لنا هنا من الحديث عن لبنان الذي بات ينتظر التحول إلى أسوأ أيام قد يعيشها وقد لا يخرج منها سالما وقد تهدد مصير لبنان بانقسامات وحروب طائفيه لربما تمتد لسنوات فحزب الله الذي يسعى للسيطرة فيها والذي يقود لبنان الى الأعماق في حربه ضد إسرائيل التي وان توقفت قليلا سرعان ما تعود المواجهات ويتحمل تبعاتها اللبنانيون الذين يحاربون من اجل البقاء في ظل سياسات متعددة وأفكارا متعددة وكل يريد تطبيق سياساته في بلد لا يحتمل كل هذا وذاك وقد رأينا التخبط اللبناني حين لجأت لبنان الى أحضان إيران لتدعمها بالسلاح ولتقديم الدعم الاستراتيجي لها .
أما الأردن التي بات سكانها الأصليين يشكلون 27 % من إجمالي سكانها والتي تحتضن الكثير من اللاجئين الذين باتوا يشكلون ثغرات أمنيه قد لا يحسدوا وقد باتت الحكومة تتخبط في قراراتها التي قد لا تكون محسوبة والتي قد توفر المناخ الموجود أصلا لاستقدام المتطرفين وتطرف بعض السكان من تلك القرارات التي أنهكت المواطن وأثقلت على كاهله والذي قد يرى انفراجا في تطرفه ووقوفه مع التيار المعاكس مما يؤدي الى خلق الحاضنة والبئيه الجيدة للدخول والانصياع في التيارات السلفية التي قد تهدد امن وسلامة البلد .
ولابد ان نعرج قليلا على اليمن الذي تدعم كل المؤشرات على انه سيكون البلد الأكثر دموية خصوصا بعد سيطرة الحوثيين على أكثر المحافظات اليمنية وبالطبع تنظيم القاعدة يعد العدة لاستئناف حربه مع الحوثيين المدعومين من ايران والذين يعتبرون صيد ثمين لهم والذين يعتبرون اشد أعداء السلفيين فلا نتوقع هدوءا في اليمن ولا نتوقع انفراجا فيه بل كل التوقعات تشير الى ان اليمن سيتحول الى غابة كل يأكل الأخر وحرب يعلم الله وحده متى تنتهي .
لابد لي قبل أن انهي أن أعرج على ليبيا التي التي لن تنتهي قبائلها من الصراع فيما بينها والتي تعتبر اكبر قاعدة يمكن للتنظيمات الارهابيه ان تشكل مركزا لها فيها ونواة تنطلق منها للغرب العربي الذي يحتوي على الكثير من الداعمين لها والمؤيدين لها ومهما هدأت الأمور سيأتي من يخرجها عن مسارها ويحول الهدوء الى صراعات لا تنتهي الا بحرب طويلة الأمد قد تسعى بعض الدول الغربية للتدخل فيها من اجل مصالحها وبسط النفوذ عليها .
هذا ما آلت إليه بعض الدول العربية وهذا حصيلة ثورات الربيع العربي المزعوم الذي أنهك الأمة العربية وحصيلة تعنت القادة والتمسك بالزعامة التي أودت بحياة العرب والمسلمين وأنهكت قواهم وفرقت بينهم ولو أردت الخوض بتفاصيل كل العرب لاحتجت لمجلدات للحديث عنها .
كان الله في عوننا وعون أشقائنا العرب والمسلمين في كل مكان ولربما في المائة سنة القادمة ان حيينا قد نرى العرب والمسلمين في خندق واحد وتحت راية واحده ولربما نحتاج لأكثر من ذلك  .

تمت كتابة هذا المقال في تاريخ 23 / 10 / 2014
بقلمي عبدالناصر الرفاعي